last posts

هل يمكن للصائم ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان؟

هل يمكن للصائم ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان؟

لن أدعكم تنتظرون كثيرا، فلا مجال للتشويق حينما يتعلق الأمر بأولى الأولويات! كثيرا ما يطرح هذا الموضوع وكأنه إشكال كبير، وهذا وإن دل على شيء وإنما يدل على ضعف الاحاطة بالقيمة العظمى لأفضل شهر في السنة ألا وهو شهر رمضان الكريم! كما أن هذا الإلتباس يدل على ضعف المعرفة فيما يخص قيمة الصيام العظمى في علاج الأمراض وبناء المناعة وتقوية الذاكرة والرفع من مستوى الذكاء والتحصيل العلمي وتحسين درجة الوعي وخلق الإنسجام بين كل أجهزة جسم  الإنسان! 
بكل صراحة، أرى أنه من المخجل أن يكون أمر واضح، مثل هذا، محط جدال، لماذا؟ لأن شهر رمضان هو شهر الرياضة بإمتياز، أي أن جسم الصائم يكون في أعلى قمة الإستعداد لممارسة التمارين الرياضية! ليس هذا فقط، بل من الصحي أن يتدرب الرياضي الصائم في أي وقت من النهار، على عكس الأيام الأخرى حيث تتعدد وجبات النهار ويكثر الخلط بين المأكولات دون مراعاة لمدى حاجيات الجسم وما الخطوط التي يحب عدم تجاوزها "ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للهواء"! لكن هل خطر ببالك، يوما، أن أعظم مصدر للطاقة في الكون هو القرآن الكريم؟

هل يمكن للصائم ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان؟
هل يمكن للصائم ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان؟

لماذا يخشى أكثر الصائمين ممارسة الرياضة في منتصف النهار أثناء شهر رمضان؟

١ - بسبب تأثير الهالة الناتج عن الموروث الثقافي المغلوط والمتمثل في نصائح وتحديرات بغض الأطباء وبعض خبراء الصحة والمهتمين بمجال الرياضة! الكثير منهم ينصح بعدم ممارسة الرياضة في بداية أو منتصف النهار لأنهم يرون في ذلك خطراً على صحة الصائم! وعوض ذلك، يشجعون الصائم على التمارين الرياضية قبل وقت الإفطار بحوالي ساعتين ونصف من الزمن! فإن كانوا لا يدرون خطورة هذه النصيحة على الصائم فتلك مصيبة وإن كانوا يدرون فالمصيبة أعظم! لأن هذه الأحكام الجاهزة غير مبنية على بحوث ميدانية أو على دراسات علمية مدققة وإنما هي ظنون واحتمالات فقط! فهل سبق لكم أن شاهدتم رياضيا تعرض إلى توعك صحي بسبب التداريب خلال الصيام في شهر رمضان؟

هذه المعلومات المغلوطة ترسخت في عقول الناس وأصبحت معتقدات ثابتة وقوانين يسيرون وفقها! فما دام العقل الباطن قد تبرمج على واحد زائد واحد تساوي إثنان! فعندما يمارس الصائم الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان، وهو يؤمن ويعتقد بأن ما يقوم به هو مجازفة، ففي الغالب يتعرض إلى إصابات ليس لكون هؤلاء الخبراء على صواب ولكن تشخيص وتجسيد الجسد لما صدقه اللاوعي أو اللاشعور (أي العقل الباطن)! فعوض أن يركز على التمارين الرياضية وعلى الفوائد المنشودة، يشغل نفسه بالتفكير في عواقب تجاوز التعليمات الغير مقننة!


٢ - عدم التعود على الصيام لأيام متفرقة خلال السنة والتعود على التخمة وتناول وجبات متتالية مع إهمال الرياضة يجعل التمارين الرياضية أمرا عسيرا جدا أثناء الصيام في شهر رمضان.

عدم استعداد أجسامنا للرياضة ونحن صائمين في شهر رمضان

١ - أغلبنا لا يصوم إلا في شهر رمضان، ولا يتمرن إلا في شهر رمضان ولا يصلي إلا في شهر رمضان، بل ويصر على أداء ما اصطلحوا عليه "صلاة التراويح"! والأكثر من ذلك هو العيش على نظام غذائي غير صحي ونهج نمط عيش غير صحي! ولهذا تعيش أجسامنا في صراع دائم مع الإختلالات والتوعكات والأمراض التي تجعل منها أجساما آيلة للسقوط في أي لحظة! وباقتراب شهر الصيام تهرع إلى تصفح الانترنت واستشارة الأطباء والمختصين في الصحة حول الرياضة في رمضان كما لو أنه أمر جلل لم يكن في الحسبان!

٢ - نتناول الأكل الغير صحي المعتمد على مواد غير طبيعية، وهكذا، عوض أن تسعى إلى الصحة والسلامة نؤسس الهشاشة والضعف والإختلال! فكيف لجسم يتغذى على السموم والميكروبات أن يميل إلى ممارسة الرياضة في شهر رمضان أو في غيره من الأيام! وإن هو مارس الرياضة وهو صائم فمن سيضمن سلامته من العواقب الوخيمة!

٣ - نتبنى نمط عيش غير صحي بعيد كل البعد عن المبادئ الرياضية وعند حلول شهر رمضان نلح في التساؤل عن متى وكيف ولماذا! نتمادى في السهر إلى ساعة متأخرة من الليل، والنوم إلى ساعة متأخرة من النهار، ونهمل الرياضة... فتتأقلم أجسامنا مع الخمول والكسل، وبالتالي نعجز عن ممارسة الرياضة بشكل عام، فبالأحرى في شهر رمضان! لم نعود أجسامنا على الحركة والنشاط طيلة ١١  شهرا، فمن غير المنطقي أن تستجيب، مع العلم أننا ننهض إلى الرياضة في شهر رمضان نهضة النائم عند رؤية كابوس مفزع! كل ممارسة وكل نشاط في الحياة يخضع إلى قانون التدرج! الحركات الرياضية المبهرة التي يقوم بها أبطال فنون الدفاع عن النفس؛ كراطي، كونغ فو، أيكيدو...، لم يتقونها بعد عشية وضحاها، ولكن تعبوا وكدوا واجتهدوا لسنين وسنين إلى أن وصلوا مستوى جد متقدم!

كيف يمكن للصائم ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان دون مضاعفات صحية؟

١ - من أجل تحقيق هدف عظيم كهذا من اللازم التخلص من ترسبات الأفكار الخاطئة والمعلومات المغلوطة حول خطورة الرياضة في منتصف النهار على الصائم في شهر رمضان! فلا يعقل أن نزكي أو نرفض شيئا ما بناء على احتمالات زاهية لا أساس لها من الصحة علميا! ربما مارس صائم الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان وتعرض إلى توعك صحي، إغماء، صداع...، فاستنتج الطبيب بأن رمضان أو الصيام هو المذنب الكبير في هذه الحادثة! كان أولى على الطبيب أن يراجع الدفتر الصحي لذلك المريض، فأكيد جسده معلول منذ زمن وبعيد، وما حدث له كان سيحدث له حتى ولو لم يكن صائما!

تأمل معي هذه النصيحة "ينصح خبراء الصحة بممارسة الرياضة في شهر رمضان إما في الصباح الباكر أو قبل الإفطار بساعتين"! لاحظ معي، عند ممارسة الرياضة قبل الإفطار بساعتين، وبعد الإستحمام ستجد نفسك أمام المائدة المليئة لأنواع المأكولات عند آذان المغرب! فبماذا ستبدأ؟ قد تشرب كمية كبيرة من الماء تمنعك من تناول حاجيات الجسم من الطاقة والمعادن والفيتامينات والبروتينات...! ومن الأكيد أنك متلهف إلى الطعام بعد جهد الصيام وجهد التداريب الرياضية، وبالتالي ستخلط القهوة مع الحريرة مع السمك مع الحلويات مع العصير... دون مراعاة النتائج! وهنا هل استفدت من الرياضة في هذا الوقت اللصيق بوقت الإفطار أم أنك سببت الضرر لجسمك من حيث أردت أن تنفعه!

٢ - من المهم جدا الصيام طول السنة، يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع مع ممارسة الرياضة بانتظام وجدية وفوق ذلك، برغبة وشغف كبير كي يسير مؤشر القدرة على الجمع بين الصيام والرياضة في ارتفاع مستمر! وأنتم تعلمون أن أي شيء أوليناه اهتماما كافيا فإننا نتمكن من إتقانه! وهكذا، عندما يحل شهر رمضان لن تجد الرياضة والصيام أمرا مفاجئا أو مكلفا، بل ستجد الفرصة الملائمة من أجل صقل المهارات وتنمية الكفاءات سواء فيما يتعلق بالرياضة أو الصيام بكل أريحية أو الإبداع في مختلف المجالات! 

ما علاقة نوع الغذاء ونمط العيش بالقدرة على ممارسة الرياضة في شهر رمضان؟  

الكثير من الناس يعيش على نظام غذائي غير صحي ويسير على نمط عيش غير صحي، وعند حلول شهر رمضان يهرع إلى الريجيم أو حمية غذائية قاسية جدا من أجل نقص الوزن أو التخسيس. كما يلجأ إلى ممارسة الرياضة بشكل مبالغ فيه بهدف حرق الدهون والتخلص من البطن المنتفخ!

١ - نوع الغذاء: كى تقوى على ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان من المهم جدا التركيز على تناول أغذية طبيعية تزودك بالطاقة التي يحتاجها جسمك سواء من أجل النمو أو من أجل الرفع من قدرة التحمل والمقاومة! التغذية الصحية التي تتركز على:
- الخبز البلدي المعجون بدقيق القمح البلدي والنحالة والخميرة الطبيعية
- طاجين الدجاج البري (البلدي) المطبوخ على الفحم والمحتوي الخضر والتوابل الطبيعية وزيت الزيتون والملح الحية أو الملح الصخري والسمن الطبيعي...!
- البيض البلدي المسلوق، ويجب تناول الأبيض والأصغر في آن واحد
- شرب الشاي الطبيعي بدون أية إضافات، وإن توفر العسل الحر والزعفران الحر والمسك... فستتناول أعظم مشروب على الإطلاق!
- تناول الكسكس وخصوصا كسكس البندق نظرا لفوائده الكبيرة
- تناول الحريرة بشكل أساسي! ومن المهم تحضيرها بمختلف المواد الطبيعية، حمص، فول، عدس، سمن، لحم طبيعي، زيت الزيتون، حبوب الحلبة، إلى آخره! لكن الأهم هو عدم إضافة أي شيء غير طبيعي إلى الحريرة!
- تجنب شرب العصير لأن الخلاط الكهربائي يتلف المكونات الصحية للفواكه، ألياف خشبية، فيتامينات، أملاح معدنية... كما يفعم العصير بكم هائل من الشحنات الكهربائية المضرة بالصحة! من الأفضل تناول الفواكه كما هي!

٢ - نمط العيش: من الأهم تجنب العادات السيئة من قبيل النوم المتأخر والإستيقاظ المتأخر والجلوس على الكرسي لوقت طويل وارتياد المقاهي بشكل مبالغ فيه
تجنب الخلط بين الأطعمة الغير منسجمة!
تجنب شرب الماء مباشرة بعد الوجبات!
فارق بين الوجبات كي المعدة فرصة الهضم والإمتصاص!
ممارسة الرياضة بانتظام وشغف!

فإذا عملت على توفير هذه الظروف و وضعت برنامجا غذائيا بالإضافة إلى برنامج رياضي قبل شهر رمضان بأشهر، ثم التزمت بهما فستكون قد أعددت جسما قوي المناعة، قوي المناعة، سريع التأقلم مع المستجدات

هل تعلم أن القرآن الكريم هو أعظم مصدر للطاقة؟

من المهم جدا أن نتفق على حقيقة يقينية وهي: القرآن الكريم دستور عبادة وعمل، وليس كتاب استرزاق!
١ - عندما نتمكن من استيعاب كون القرآن الكريم هو كلام الله، عز وجل، أي أنه وحي من الله سبحانه إلى محمد، صلى الله عليه وسلم! والوحي الإلهي، المتجسد في القرآن، لا يمكن اعتباره كتابا عاديا مثل باقي الكتب التي يكتبها البشر! القرآن وحي حي المحتوى، صالح ومصلح لكل زمان ومكان! الأيات القرآنية تحمل في طياتها كل أنواع الطاقة العظمى! فهي تسري في أرواحنا وفي عروقنا في كل وقت وحين كي تحيينا، أي تجدد فينا الحياة، وتمنحنا نفسا جديدا! 

فلو تدبرنا قول الله، عز وحل "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"؛ وقول الله سبحانه كذلك "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، إلى غير ذلك من الآيات القرآنية التي توحي لنا بمختلف الطاقات العظمى التي أودعها الله في البشر لأدركنا قيمة الطاقات المتجددة والمتعددة التي حبانا الله بها! وعلينا تقع مسؤولية اكتشاف هذه القوى العظمى ثم علينا أن نحسن توظيفها في ما يعود علينا بالنفع العظيم! وهكذا ستتمكن من ممارسة الرياضة في منتصف النهار في شهر رمضان، ومن تحقيق كل الأهداف!

٢ - عندما نستوعب الفائدة العظمى من قراءة القرآن الكريم وندرك كنه ومضمون "الحرف بعشرة حسنات" آنذاك سنصل إلى مكامن الطاقة في القرآن الكريم، وسنتمكن من الإستفادة منها على الوجه الأصح! لا تتحقق معادلة "الحرف بعشرة حسنات" إلا إذا قرأنا القرآن قراءة التدبر بهدف الفهم والتطبيق، بعيدا عن فكر الكم وفكر الإستهلاك! أي بعيدا عن ثقافة الثخمة التي تنحصر في قراءة حزب الصباح وحزب المساء وختم القرآن الكريم مرات عديدة، إلى آخره من الأوهام وفكر الإتكال والمحانية...!

وللإشارة فقط، فلا يعقل أن تكون الغاية العظمى من القرآن الكريم هي القراءة الببغائية لأكبر عدد من الأحزاب في اليوم، والتركيز على ختم القرآن بهدف ربح الحسنات المتعددة! ألا يبدو هذا الأمر من باب التحايل من أجل الحصول على مكافأة كبيرة جدا مقابل أقل جهد مبدول!

إن القراءة المتأنية من أجل تدبر القرآن الكريم تشحن جسم الإنسان بعدة طاقات؛ طاقة العمل، طاقة الحفظ، طاقة التذكر، طاقة التمارين الرياضية، طاقة التحمل، طاقة الصبر، طاقة التعايش، طاقة التسامح، طاقة العفو، إلى آخره! يكفي دليلا أن العديد من المرضى المصابين بأمراض مستعصية قد شفوا أنفسهم عن طريق قراءة القرآن الكريم بتمعن وتدبر ورجاء في الله عز وجل! لكن لا يجب أن نخلط الأمور، فليس لأحد الحق في علاج الناس بالقرآن الكريم، لأن القرآن شفاء لما في الصدور؛ يعني إحياء العقيدة وتقوية الإيمان! كما أن المرضى الذين شفوا بقراءة القرآن الكريم لم يكن هدفهم هو الشفاء بواسطة هذه القراءة! يعني أنه يجب علينا أن لا نضع بين أعيننا الشفاء كهدف منشود من وراء قراءة القرآن! 

ولكن عندما نقرأ القرآن الكريم بكل عفوية وبهدف التدبر والتفكر فإننا نعمل، بشكل عفوي، على إنعاش خلايا الجسم، وعلى تحسين 
الدورة الدموية، وعلى موازنة دقات القلب، وعلى مرونة العضلات، وعلى تنمية النفس (من التنفس)، وعلى ترقية الدماغ... وبالتالي يصبح بإمكاننا القيام بأي نشاط فكري من قبيل الكتابة الإبداعية، التأليف...، أو أي نشاط جسدي من قبيل ممارسة الرياضة أو العمل الوظيفي...!

 ولمعرفة المزيد، فالمرجو الضغط هنا

أتمنى أن أكون عند حسن ظن كل قارئ، وأرحب كثيرا بتعليقاتكم واستفساراتكم ونصائحكم للاستمرار في التعلم والإبداع!
Comments



Font Size
+
16
-
lines height
+
2
-
youtube